الواتس أب Whatsapp برنامج معروف ومشهور جدًّا، وهو غنيٌّ عن التعريف، فشهرته أولى بتعريفه منّي.. ولقد لعب دورًا مهمًّا وإيجابيًّا في عمليّة التّواصل، وتقريب المسافات، وتيسير الاتصال بتكاليف بسيطة، كما غيّر حياةَ كثيرٍ من الأفراد، وأدّى إلى كثيرٍ من المشاكل الاجتماعيّة والحياتيّة.. ومن هنا يتّضحُ لنا أنّ الواتس أب Whatsapp كغيره له جوانب إيجابيّة وجوانب سلبيّة؛ فما هي جوانبه الإيجابيّة؟ وما هي جوانبه السلبيّة؟ وكيف نستغلّ الأولى ونتجنّب الثّانية؟
لقد أتاح برنامج الواتس أب Whatsapp التّواصل بين الأفراد عن طريق محادثات نصّية في البداية، ثمّ أُضيف إليه خاصّيّة الرّسائل الصّوتيّة، فأصبح للمستخدمين أن يدردشوا صوتيًّا، بالإضافة إلى الدردشة الكتابيّة، وبهذا تسهل الدّردشة من النّاحية العمليّة. أما من النّاحية المادّيّة، فلقد وفّر مستخدمو الواتس أب Whatsapp كثيرًا من النّقود بسببه، بعد أن كانوا ينفقونها على المكالمات الصّوتيّة الّتي تكلّف أضعاف تكاليف هذا البرنامج.. وكان من الطبيعيّ بعد هذه التّسهيلات من النّاحيتين العمليّة والمادّيّة أن ينتشر هذا البرنامج انتشارًا واسعًا، وأن ينصرفَ الشبابُ إليه قاصدين الرّاحة والتّوفير، وأن تكثر محادثاتهم كذلك بعد أن كانوا يخشون "ارتفاع كلفة الفاتورة" زمنَ المكالمات الصوتيّة، فكانوا لا يجرؤون على فتح محادثات طويلة.. أما برنامج الواتس أب Whatsapp فلقد أتاح لهم ذلك برحابة صدر...
وبعد هذا الانتشار الواسع والسّريع، بدأت المشاكل الّتي كان هذا البرنامج سببًا لها تتوالى واحدةً تلو الأخرى، فهذا الذي يهجر صديقه لأنّه لم يجبه فورًا على رسالته الوتسبيّة، وذاك الذي يطلّق زوجته لأنها لم تحضّر الطّعام بسبب كثرة دردشاتها الواتسبيّة، وذلك الّذي يجلس في الغرفة مع أسرته فلا يكلّم فردًا من أفرادها بسبب انكبابه على الدّردشات الوتسبيّة.. وطائفةٌ ينشرون الشّائعات عن علم أو عن جهل.. وقوم ينشرون ما يعين على الإثم... وهذه المشاكل ليست ناتجةً من الواتس أب Whatsapp نفسه، بل من الاستخدام السيِّئ له.
ولذلك، وجب التّنبيه على بعض النقاط الّتي ينبغي على مستخدم برنامج الواتس أب Whatsapp أن يراعيها، حتّى يحقّق الاستفادة المنشودة منه، ويتحاشى المشاكل التي قد تنجم عنه:
1- يجب أن لا ننسى أبدًا أنّ برنامج الواتس أب Whatsapp وُجِدَ أساسًا لإقامة التّواصل، فإذا ما وجدنا أنّه يؤدي بنا إلى قطع التّواصل والرّوابط الاجتماعيّة مع من حولنا بسبب الإفراط في استخدامه، فعلينا أن نراجع حساباتنا في كيفية الاستخدام.
2- يجب أن نحدد أوقاتًا نتوقف فيها عن استخدام هذا البرنامج، وذلك يوميًّا، لنلتفت فيها إلى أمورنا الأخرى، وإلى حقوق الآخرين علينا..
3- يجب أن نسعى إلى إقناع الآخرين أنه لا يمكن لإنسان أن يكون متاحًا بشكل دائم على الواتس أب Whatsapp، وذلك بالتي هي أحسن، وبالكلمة الطيبة، حتى يتسنّى لنا التّوفيق بين إقامة التواصل الاجتماعي مع من حولنا من أسرة وأصدقاء من جهة، وبين مستخدمي الواتس أب Whatsapp من جهة أخرى.
4- يجب أن نكون متنبّهين للشّائعات الّتي تنتشر انتشارًا واسعًا وسريعًا على هذا البرنامج، فلا نصدّق كلّ ما ينتشر عليه، إلّا أن يكون من جهة موثوقة.. وتذكّروا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
5- يجب نكون على حذر من نشر الأخبار الكاذبة والمُلفَّقة، فبعض الإخوة ما إن تصله رسالة حتّى يسارع إلى نشرها وإيصالها إلى أعداد قد تكون كبيرة.. وذلك ليكون السّبّاق في نشر الأخبار، فيكون أوّل من نشرها، أو ربّما ليتسلى أو لسبب آخر.. والأمر عنده بسيط، فلا يحتاج إلّا إلى زرّ "إعادة توجيه" أو ما يسمى بالإنجليزية بـ “Forward”، وهنا أكتفي بنقل حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ" [رواه مسلم] فتنبّهوا وكونوا على حذر!
6- يجب على كلّ مسلم أن ينتبه لكلّ ما ينشره ويشاركه على برنامج الواتس أب Whatsapp من كلام أو صور أو مقاطع فيديو أو مقاطع صوتيّة، فإذا دعته نفسه لنشر ما فيه إثمٌ ليتسلّى "وليفرفش" فليتذكر قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
7- يجب الانتباه للأخطاء الإملائيّة، وخصوصًا تلك الّتي تغيّر المعنى، كأن يكتب أحدهم مثلًا: "إنشاء الله" بدل "إن شاء الله"! ومعلومٌ أنّ الإنشاء غير المشيئة..
8- لمستخدم الواتس أب Whatsapp أن يقول في نفسه: "هل تسبّب لي هذا البرنامج في مشكلة ما؟" فإذا ما كانت الإجابة "نعم" فعليه أن يغيّر طريقة استخدامه حتّى ولو كانت المشكلة صغيرة، لأنّ المشكلة الصّغيرة قد تكبر، وخير مثال على ذلك حالة الطّلاق التي ذُكرت في هذه المقالة، والّتي كان سببَها كثرةُ الدّردشات الّتي منعت الزّوجة من تحضير الطّعام، وبالتّالي أدّت إلى الطّلاق.
9- يجب أن نكون مسيطرين على برنامج الواتس أب Whatsapp لا أن يكون هو مسيطرًا علينا، وذلك يعني أنّنا نستطيع أن نتوقّف عن استخدامه متى دعت الحاجة إلى ذلك، فلا نقدّمُه على ما هو أولى منه، ولا نتركه يأخذ مكان ما هو أهمّ منه، ولا ندعه يتسبّب في مشاكل تؤرّق حياتنا، وقد وُجِد في الأساس لتسهيل الحياة وإقامة التّواصل..
والحمد لله ربّ العالمين.
عدنان مراد
