كيف تكون ناجحًا؟
بسم الله، والحمدُ لله، والصّلاةُ والسّلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أمّا بعد:
فكثيرون يسألون عن النّجاحِ وأسرارِه وأسبابِه، وما من أحدٍ إلّا ويريدُ أن يكونَ ناجحًا.. وفي هذهِ المقالةِ، أضعُ بين يديك -عزيزي القارئ- أسبابًا توصلُك إلى النّجاحِ الحتميّ بإذنِ الله.. والآن أتركُك مع أسباب نجاحك:
من أسباب النّجاح:
لا بدّ لكلّ من أرادَ أن يكونَ ناجحًا -ومن منّا لا يريد؟!- أن يحدّد أوّلًا طريقًا يسير عليه، فيحدّد أوّلًا أهدافه: أريد أن أصبح طبيبًا.. أريد أن أكون كاتبًا.. أحبّ أن أعمل في مهنة التّدريس.. وهذه الخطوة مهمّة جدًّا، فإذا لم تحدّد هدفًا تصبو إليه، فكيف تصل؟! والواقعُ أنّ كثيرًا من الطّلّاب على سبيل المثال، لا يحدّدون أهدافَهم، ولا يختارون الفرعَ الّذي سيتابعون دراستَهم فيه، فيصلون إلى أماكن لا يحبّونها، وما كانوا يريدون أن يصلوا إليها، فيفشلون.
ومن أسباب النّجاح دراسةُ طبيعةِ الهدفِ الّذي حدّدناه، ثمّ وضع خطّة عمل. نعم، خطّة عمل، لا خطّة أمل! فكثيرٌ من الطّلّاب لا يدرسون، ثمّ يسألون عن سبب الرّسوب.. وكثير من العمّال يتكاسلون في أعمالِهم، ثمّ يسألون عن سببِ فصلِهم! لذلك علينا أن نعمل ونجدّ، ولا ننسى الصّبر، فالعمل بدون صبرٍ لا يطولُ وسرعان ما يتلاشى.. وممّا يعيننا على الصّبر تذكّرُ أجره وثوابه.. فقد قال تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر، 10].
ومن أسباب النّجاح التّوكّل على الله، ولا يخفى على عاقلٍ أنّ من توكّلَ على اللهِ كفاه، فقد قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]، وقالَ تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 3]، وقال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159].
ومن أسباب النّجاح -إخوتي الكرام- تجاهلُ كلّ من يحاولُ أن يكون حائلًا بيننا وبين هدفِنا، فبعضُ النّاسِ مجرّدُ أفواهٍ، لا يجيدون سوى النقد الهدّام والثّرثرة الغوغائيّة، فعلينا أن نكونَ على حذرٍ منهم، وأن نمضيَ في طريقنا غيرَ آبهين بذوي العقولِ المحدودةِ..
ومن أسباب النّجاح حَذَرُ اليأس والبعد عنه ومقاومتُه، ذلك أنّنا إذا فشلنا مرّة، فهذا لا يعني أنّنا فاشلون! بل يعني أنّنا بشر! لأنّ الإنسانَ كائنٌ خطّاءٌ، فلا بدّ له من الوقوعِ في أخطاءٍ مهما بلغَ حذرُه وحرصُه وعلمُه.. واعلموا أنّ العاقلَ يرى في الفشلِ جسرًا للوصولِ إلى النّجاحِ، والأحمق يرى فيه بيتًا للمكوثِ في القاع! وما ذلك إلّا لأنّ الإنسان يتعلّمُ من أخطائِه؛ والفشلُ نتيجةُ عدّةِ أخطاءٍ، فإذا ما فشلنا مرّةً، فالواجبُ علينا أن نبحثَ في الأخطاءِ الّتي أوصلتنا إلى فشلِنا هذا، حتى نتجنّبها عند المحاولةِ القادمة.. واعلموا أنّ اليأس مرضٌ ما دخلَ قلبًا إلّا أفسدَه.. فخذوا حذرَكم من هذا العدوِّ الغاشمِ وقاوموه أشدَّ المقاومة!
ومن أسباب النّجاح عدمُ التّسويفِ والمماطلة، فلا تستبعدْ ممّن أجَّلَ عملَ اليومِ إلى الغد، أن يؤجّل عمل الغد إلى اليوم الّذي يليه! لذلك كنْ -عزيزي القارئ- نشيطًا دائمَ العمل، مبتعدًا عن التّأجيلِ والكسلِ..
ومن أسباب النّجاح الثّبات على الهدف والمثابرة عليه، والمجاهدة للوصول إليه، مهما كانت الظّروف، فلا يتركنَّ أحدٌ العملَ للوصولِ إلى هدفِه لمرضٍ أو سفرٍ أو مصيبةٍ أصابته، بل يبقى ثابتًا مثابرًا، مُصِرًّا على ما رسمه، رافضًا الاستسلام..
ومن أسباب النّجاح تشجيعُ المرءِ نفسَه! نعم، هذا صحيح، وعيناك تقرآن بشكلٍ سليم! فالتّشجيع عاملٌ نفسيٌّ له ثمراتٌ عديدةٌ، فإذا لم تجدْ في الآخرين من يشجّعُك، فشجّعْ نفسَك! قلْ لها: غدًا تصبحين كذا وكذا (ضع هدفك)، فلا تدعي اليأسَ والكسلَ يمنعاك من ذلك! قل في نفسِك: غدًا -بإذن الله- أكونُ طبيبًا، غدًا أصبحُ مربّيًا للأجيال، غدًا أكون مهندسًا، غدًا أصبح عالمًا فيزيائيًّا، غدًا أكون سببًا في إصلاح المجتمع... غدًا وغدًا وغدًا.. غدًا أكون ناجحًا! واعلم أنّ هذا سيساعدُك حتمًا لتكونَ ناجحًا، بشرطِ الصدقِ، أي عليك أن تشجّعَ نفسَك بصدقٍ، وأن تشعرَ حقًّا بما تقولُه لها..
ومن أسباب النّجاح التّفاؤل، فالتّفاؤل يفتحُ أبوابًا لا تُفتحُ بمفاتيح أخرى.. وهو عاملٌ نفسيٌّ مهمٌّ في شتّى أمورِ الحياة.. واعلمْ أنّه مساعدٌ حقيقيٌّ لك لدوامِ العملِ، والمثابرةِ عليه، وبالتّالي الوصول إلى الهدف بنجاح.
والآن -أيُّها القارئ العزيز- وقد علمت أسرارًا تأخذ بيدك نحو النّجاحِ الحتميِّ بإذن الله، فلا بدَّ أن أشيرَ إلى أمرٍ مهمٍّ وخطير، وهو هدفك! هدفك الّذي تكلّمنا عنه في بداية المقالة.. تذكرهُ أليس كذلك؟ حسنًا، أتعرفُ ماذا أريدُ أن أقولَ عنه؟! أريدُ أن أنبهَك -أخي الكريم- مِن وضعِ هدفٍ فيه معصيةٌ للهِ سبحانَه وتعالى، أو فيه تعاونٌ على الإثمِ والعدوانِ، أو نحو ذلك، ذلك أنّ اللهَ -سبحانه- مسبِّبُ الأسباب، وهو قادرٌ على تعطيلها، {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20]، فاحرصْ على أن يكونَ في هدفِك طاعةٌ لله، ومنفعةٌ لنفسِك، وإصلاحٌ للأمّةِ، وعندها؛ ستحصلُ على النّجاحِ الحقيقيِّ بإذنِ الله، وستحصلُ معه على السّعادة، الّتي يفتقدُها كثيرٌ من العصاة، والّذين يظنّون أنّهم ناجحون..!
والحمد لله ربّ العالمين.
عدنان مراد
