إعلان الرئيسية


الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِهِ وصحبِهِ، أمَّا بعد:

لبنان: مزادٌ لبيع الهويّة.. تغييب اللّغة العربيّة وأحرفها عن المنتجات اللّبنانية.

فقدِ اعتَدْنا في كثيرٍ من الشّركاتِ في لبنانَ تهميشَ لغتِنا العربيّة، والنّأيَ بها عن الأعيُن، فنجدهم يكتبون على واجهاتِ سلعِهم التّجاريّة: اسمَ الشّركة ونكهةَ المنتجِ ونحو ذلك باللّغة الإنكليزيّة، بحجمٍ ضخم يلفتُ الأبصار، وحلّةٍ برّاقةٍ تجذبُ النّفوس، وتغيبُ لغتُهُمُ العربيّةُ عن الواجهة غيابًا تامًّا أو شبه تامّ، لتُلْفى في زاويةٍ ضيّقةٍ في ظهر السّلعة، منبوذةً مُبعَدة، يحتاجُ المرءُ ليقرأها إلى مجهرٍ عتيد، وجَلَدٍ شديد، وصبرٍ مديد.. وهذه الأفعالُ الشّنيعةُ الخرقاء -من الشّركات- تدلّ على ضآلةِ تفكير، وسفاهةِ أحلام، وضيقِ أفق، وقِصَرِ نَظَرٍ، وانعدام رؤية...

الإجهاز على ما بقيَ من اللُّغةِ العربيَّةِ وأحرفها!


وإذا كانت الشّركات السّابق ذكرُها تهمّشُ لغتَنا العربيّةَ بهذه الطّريقة السّمجةِ الوقحة، فإنّ الطامّةَ الكبرى ليست فيها وفي أفعالِها، بل في شركاتٍ أخرى ترتكبُ جرائمَ لغويّةً أشدّ فظاعة، وأعظم شناعة، وأكثر وضاعة، إذْ قرَّرَتْ عقَّ لغتِها ٱلأمّ عقوقًا أكبر، فأطلَقَتْ عليها "رصاصة الرّحمة"، وغيّبَتْها عن سِلَعِها وجهًا وظهرًا، متباهيةً بخلوّ منتجاتها من أحرفِ لغتِها، وامتلائها بأحرفِ لغاتٍ أخرى..!

اللّغةُ العربيَّةُ في لبنان، واللّغةُ الألمانيّةُ في ألمانيا


ولعلّ من النّافع أنْ أذكرَ هنا موقفًا حصلَ معي قبل مدّةٍ قصيرة، إبّان مجيءِ أخي من ألمانيا، فقد جلبَ معه عشراتِ السّلع، فتفحَّصتُها كلّها، باحثًا عن كلمةٍ إنجليزيّة، أو أخرى فرنسيّة، أو ثالثةٍ إسبانيّةٍ أو إيطاليّةٍ أو هولنديّةٍ أو دنماركيّة، فلم أجدْ إلا الألمانيّ! ومن بحثَ في أكثر دول العالم، وجدَ فيها ما نجدُه في ألمانيا من تمسُّكٍ باللّغة الأمّ، وحفاظٍ عليها، وتعزيزٍ لها، ودفاعٍ عن الهويّةِ والثّقافةِ الوطنيّةِ، وتنشئة الأجيال على ذلك؛ ولذلك نجدُهم يتقدّمون، ويصنّعون، ويصدّرون، ونحن نتراجع، ونستهلِكُ، ونستورد!

هل يؤدّي تغييبُ اللّغة العربيّة عن السّلع اللّبنانيّة إلى زيادةٍ في المبيعات؟


سؤالٌ يتراءى لنا عند التّفكير في السّبب الّذي من أجله ترتكبُ "شركاتنا" هذه الجرائمَ اللّغويّة، وللإجابةِ عنه بدقّةٍ نحتاجُ إلى إحصائيّةٍ ميدانيّة، وهذا غير موجودٍ في الوقتِ الحاليّ، لكنّي طرحتُ -في التّدوينة السّابقة- أسئلةً تقومُ مقام الإحصائيّة، وأجابَ عنها منكم 63، فهاكُم النّتائج:

السّؤال الأوّل:

سؤال عن شراء المنتجات

نتائج السّؤال الأوّل:

نتائج السّؤال السّابق

وهذا سؤالٌ تمهيديّ، لا حاجة للتّعليق على نتائجه في هذا السّياق.

السّؤال الثّاني:

السّؤال: إذا وجدتَ شركتين قدّمتا لك المنتجَ نفسَهُ بالمواصفات ذاتِها، وكَتَبَتْ إحداهما اسمَ المنتج ووصفَه ونكهتَه ونحو ذلك باللّغة الإنكليزيّة فقط، وغَيَّبَتِ اللّغةَ العربيّة تمامًا، وكَتَبَتِ الشّركةُ الثّانيةُ اسمَ المنتج ووصفَه ونكهتَه ونحو ذلك باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة، فأيّ منتج تختار؟

نتائج السّؤال الثّاني:

نتائج السّؤال: إذا وجدتَ شركتين قدّمتا لك المنتجَ نفسَهُ بالمواصفات ذاتِها، وكَتَبَتْ إحداهما اسمَ المنتج ووصفَه ونكهتَه ونحو ذلك باللّغة الإنكليزيّة فقط، وغَيَّبَتِ اللّغةَ العربيّة تمامًا، وكَتَبَتِ الشّركةُ الثّانيةُ اسمَ المنتج ووصفَه ونكهتَه ونحو ذلك باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة، فأيّ منتج تختار؟

كما ترى عزيزي القارئ، اختار 92.1% من المُجيبين المنتجَ الّذي كُتِبَ اسمه ووصفه ونكهته باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة (لا بالإنكليزيّة وحدها)، ولم يخترِ المنتجَ الذي كُتِبَ اسمُهُ ووصفُهُ ونكهتُهُ باللغةِ الإنكليزيّةِ وحدها إلا 1.6% فقط! ولم يهتمّ بالأمر 6.3% من المجيبين. وهذه الأرقامُ تخبرُنا أنَّ تغييبَ اللّغةِ العربيّةِ عن السّلعِ اللّبنانيّةِ يؤدّي إلى نقصٍ في المبيعات، لا إلى زيادةٍ فيها..!

السّؤال الثّالث:

السّؤال: إذا كنتَ مصنّعًا لسلعةٍ ما، وأردتَ كتابةَ اسمِها ووصفِها ونكهتِها ونحو ذلك، فأيّ خيار من هذه الخيارات ستختار؟

نتائج السّؤال الثّالث:

نتائج السّؤال: إذا كنتَ مصنّعًا لسلعةٍ ما، وأردتَ كتابةَ اسمِها ووصفِها ونكهتِها ونحو ذلك، فأيّ خيار من هذه الخيارات ستختار؟

وفي هذا السّؤال الأخير، اختار أكثر من 95% من المُجيبين كتابة أسماء السّلع الّتي يصنّعونها (افتراضًا) ووصفها ونكهتها باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة، لأنّ ذلك سيؤدّي -حسب رأيِهم- إلى أنْ يفهمَ جميعُ المستهلِكين كلَّ ما كُتِب، وسيؤولُ بهم ذلك إلى زيادةٍ في المبيعات أيضًا. وبعد أن عرفنا نتائج هذه الأسئلة، حقّ لنا أن نتساءل معًا: لماذا ترتكبُ شركاتنا هذه الجرائمَ اللّغويّةَ وتغيّبُ لغتَنا العربيّة عن منتجاتِها؟ وما النّفعُ من ذلك؟ وكيف يمكن لنا -بوصفنا مستهلكين- تنحيتُها عن هذه الجرائم اللّغويةِ القاتلة؟!

لتحميلِ الموضوعِ بصيغةِ PDF: اضغط هنا.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

تعليقات Facebook: